أم أيمن حاضنة رسول الله 2
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوانى وأخواتى فى الله الكرام أهلاً وسهلاً ومحباً باصحاب القلوب المؤمنة الصافية
تعالوا بنا نقلب بعض صفحات تاريخ أهملناه وهو تراثنا ومجدنا الحقيقى نتعلم منه كيف نعيش فى الدنيا ليكون عيشنا هذا سبيلاً إلى الجنة إن شاء الله .
كان عبدالله بن عبد المطلب من أحب ولد ابيه إليه و لما نجا من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من الأبل زوجه أبوه من اشرف نساء مكة نسباً وهى آمنه بنت وهب بن عبد مناف بن زُهرة بن كلاب .
ولم يلبث أبوه أن توفى بعد أن حملت به آمنه وتم دفنه بالمدينة عند أخواله بنى عدى بن النجار .
فإنه كان ذهب بتجارة إلى الشام فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع وترك هذة النسمة الطاهرة
وكأن القدر يقول له : قد إنتهت مهمتك فى الحياة وهذا الجنين الطاهر سيتولاه الله عز وجل بحكمته ورحمته وتربيته وتأديبه وإعداده لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور .
ورأت آمنة وفاءاً لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متراً ومعها ولدها اليتيم محمد صلى الله علية وسلم وخادمتها أم ايمن والقيم عليها عبد المطلب فمكثت شهراً ثم قفلت عائدة وبينما هى راجعة إذ يلاحقها المرض ويلح عليها فى أوائل الطريق فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة .
وفى هذا المرقف الأليم برزت أم ايمن لتحتل مكانتها بين النساء اللاتى تركن بصمات واضحة فى التاريخ
وقد اراد الله سبحانه وتعالى لها الخير كله
وعادت أم ايمن بالنبي صلى الله علية وسلم وأضحت حاضنته وأوقفت نفسها لرعايته والعناية به وغمرته بعطفها كما غمره جده عبد المطلب بحبه أيضاً
وقد عوضه الله بحنان جده وأم أيمن عن حنان الوالدين .
وكان عبد المطلب مغرماً بالرسول صلى الله علية وسلم غراماً شديداً وكثير ما كان يوصى الحاضنة أم أيمن قائلاً : يا بركة لا تغفلى عن إبنى فأنى وجدته مع غلمان قريباً من السدرة ، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابنى هذا نبى هذة الأمة .
وكان عبد المطلب يشعر بالسرور كلما يرى من صفات الشرف والكرامة على حفيده محمد ويوصى أعمامه ويقول لهم : دعوا ابنى فوالله إن له لشأناً
ولكن المنية وافت عبد المطلب بعد أن أوصى ابنه أبا طالب بكفاله النبى وحياطته وحزن النبى صلى الله علية وسلم حزناَ شديداً وكان وقتها ما يزال طفلاً صغيراً .
وهكذا توفى عبد المطلب وانتقل الحبيب صلى الله علية وسلم إلى بيت عمه أبى طالب وزوجته فاطمة بنت أسد – رضى الله عنها –
فكان يجد العطف والحنان من فاطمة ومن أم أيمن رضى الله عنهما
وكان أبو طالب رجلاً فقيراً وكانت زوجته تشعر بأن أولادها لا يشبعون من الطعام أبدا فلما عاش الحبيب صلى الله علية وسلم بينهم دخلت البركة لأول مرة في هذا البيت الكريم وبخاصة فى طعام الأولاد إذا أكل معهم الحبيب صلى الله علية وسلم .
وكان عيال أبى طالب إذا أكلوا جميعاً و فرادى لم يشبعوا وإذا أكل معهم رسول الله يشبعون
فكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم يقول : كما أنت حتى يأتى ابنى فيأتى رسول الله صلى الله علية وسلم أولهم ثم يشربون بعده فيرتوون كلهم من القدح الواحد و ان كان الواحد منهم ليشرب قدحاً وحده
فيقول أبو طالب لرسول الله صلى الله علية وسلم : إنك لمبارك .
وكان الصبيان يصبحون شعثاً رمصاً [ الرمص وسخ أبيض جامد يجتمع فى موق العين ]
ويصبح رسول الله صلى الله علية وسلم دهيناً كحيلاً .
وكانت أم أيمن تحدث عن هذة البركة فتقول : ما رأيت رسول الله صلى الله علية وسلم شكا جوعاً قط ولا عطشاً ، فكان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربة فربما عرضنا عليه الغداء فيقول : لا أريد أنا شبعان .
ونشأ الحبيب صلى الله علية وسلم بين ينبوع الرحمة ونهر الحنان فاطمة بنت أسد وأم أيمن رضى الله عنها فكانت كل واحدة منها ترعاه وتخصه بالرحمة والحنان وكأنها امه التى ولدته .
ولما تزوج النبى صلى الله علية وسلم من خديجة رضى الله عنها أعتق أم ايمن فتزوجها عبيد بن الحارث الخزرجى فولدت له أيمن .
ولأيمن رضى الله عنه هجرة وجهاد فقد كان يشهد المشاهد مع الحبيب صلى الله علية وسلم حتى استشهد فى غزوة حنين .
ولما أشرقت شمس الإٍسلام على ارض الجزيرة كانت أم أيمن - رضى الله عنها – من السابقات إلى الإسلام فلم تتأخر لحظة واحدة عن الإستجابة لأمر الله بل أسلمت بقلبها وجوارحها
وكانت فى مقدمة اول قافلة تسلم لله عز وجل فى هذا الكون وياله من شرف ما بعده شرف .
ولكن زوجها عبيد رفض الإسلام ففرق الإسلام بينهما .
وعاشت أم أيمن فى رحاب هذا النور تنهل من النبع الصافى من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله علية وسلم فكانت فى سعادة لا توازيها الدنيا بكل ما فيها من متاع زائل .