أم المؤمنين خديجة بنت خويلد 2
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوانى وأخواتى فى الله الكرام يا من أحبكم فى الله كثيراً
تعالوا بنا نستكمل بعض لقطات من سيرة أمنا الغالية أم المؤمنين خديجة رضوان الله عليها وعلى سائر زوجات النبي صلى الله علية وسلم
وها هى – خديجة – رضى الله عنها صاحبة القلب الطاهر والنفس الراضية تقف فى لحظة مع نفسها تستعرض شريط الذكريات ، فهى على الرغم من النجاح الباهر الذى حققته – بفضل الله – فى عالم التجارة لدرجة أن قافلتها إلى الشام تساوى تقريباً قوافل قريش كلها ومع هذا كانت لا تشعر بالسعادة لأن قلبها كان يحتاج إلى الزاد الذى لا يستطيع أى قلب أن يحيا بدونه إنه زاد الإيمان الذى جاء به الحبيب صلى الله علية وسلم بعد ذلك وكذلك فهى التى تعثرت حياتها الزوجية أكثر من مرة فى الوقت الذ كان قلبها يتطلع إلى حياة زوجية سامية كلها تضحية وحبة وبذل وعطاء
لقد تزوجت أبا هالة أبن زرارة التميمي وكانت تسعى بكل ما تملك ليكون زوجها سيداً فى قومه ولكن الموت قطع عليها تلك الأمنية فمات زوجها ورحل عن دنيا الناس – بعد أن أنجبت منه هنداً ثم تقدم لها بعد فترة رجل من أشراف قريش وهو عتيق بن عابد بن عبدالله المخزومى فتزوجها ولكن هذا الزواج لم يدم طويلاً .
فعاشت سيدة نساء قريش بلا زوج وهى التى يتمناها أشراف القوم .
لكنها كانت تشعر فى قرارة نفسها أن الأقدار تخبئ لها شيئاً عظيماً يجعلها تنسى هموم الماضى وتدخل البهجة والسعادة إلى القلب الطاهر .
كانت – خديجة رضى الله عنها – إمراءة عالية الهمة جياشة العواطف واسعة الأفق مفطورة على التدين والنقاء والطهر حتى أنها كان لقبها الطاهرة .
وكانت – خديجة- رضى الله عنها – تصغى كثيراً إلى احاديث ابن عمها ورقة بن نوفل عن الأنبياء وعن الدين وكثيراً ما كانت احلامها ترفرف فى سماوات عالية من الفضل والفضيلة .
وفى ليلة غارت نجومها وازداد ظلامها جلست خديجة فى بيتها بعد أن طافت مراراً بالكعبة وبعدها ذهبت إلى فراشها وقد ارتسمت على شفتيها علامات الرضا والابتسام ولم يدر فى ذهنها أى خاطر فى ذلك الوقت وما أن اسلمت جنبها للرقاد حتى استسلمت للنوم وراحت فى سبات .
ورات فيما يرى النائم شمساً عظيمة تهبط من سماء مكة لتستقر فى دارها وتملآ جوانب الدار نوراً وبهاءاً ويفيض ذلك النور من دارها ليغمر كل ما حولها بضياء يبهر النفوس قبل ان يبهر الأبصار بشدة ضيائة
هبت خديجة من نومها وراحت تدير عينيها فيما حولها بدهشة فإذا بالليل ما يزال يسربل الدنيا بالسواد إلا أن النور الذى بهرها فى المنام لا يزال مشرقاً فى وجدانها ساطعاً فى أعماقها وعندما غادر الليل الدنيا غادرت خديجة فراشها ومع إشراقة الشمس وصفاء الكون فى الصباح الباكر كانت الطاهرة فى طريقها إلى دار بن عمها ورقة بن نوفل لعلها تجد عنده تفسيراً لحلها البهى فى ليلتها الماضية
دخلت خديجة على ورقة فوجدته قد عكف على قراءة صحيفة من الصحف السماوية التى شغف بها فراح يقرأ سطورها كل صبح ومساء ، وما أن مس صوت خيجة أذنية حتى رحب بها
وقال متعجباً : خديجة ؟؟ الطاهرة ؟؟
قالت : هى ، هى .
قال ورقة فى دهشة : ما جاء بك الساعة ؟
فجلست خديجة وراحت تقص عليه ما رأت فى منامها حرفاً حرفاً ومشهداً مشهداً
وكان ورقة يصغى إلى خديجة فى اهتمام جعله ينسى الصحيفة فى يدة وكان شيئاً ما قد نبه إحساسه وجعله يتابع سماع الحلم إلى النهاية .
وما إن انتهت خديجة من كلامها حتى تهلل وجه ورقة بن نوفل بالبشر وارتسمت على شفتية أبتسامة الرضا
ثم قال فى هدوء ووقار : ابشرى يا ابنة العم ....... لوصدق الله رؤياك ليدخلن نور النبوة دارك وليفيضن منها نور خاتم النبيين
الله اكبر الله اكبر ماذا تسمع خديجة ؟ ما الذى يقولة ابن عمها ؟
وجمت خديجة لحظات ....... سرت فى بدنها قشعريرة ، جاشت فى صدرها عواطف زاخرة بالأمل والرحمة والرجاء .
ظلت خديجة رضى الله عنها تعيش على رفرف الأمل وعبير الحلم الذى رأتة تتمنى أن تتحقق رؤياها وتكون مصدر خير للبشرية ومصدر نور للدنيا فقد كان قلبها منبعاً للخيرات .
كانت – خديجة رضى الله عنها - إذا تقدم لها سيد من سادات قريش لخطبتها تقيسة بمقياس الحلم الذى راتة والتفسير الذى سمعته من ابن عمها ورقة بن نوفل ولكن الى الان لم تنطبق صفات خاتم النبيين على الذين تهافتوا على خطبتها والاقتران بها فكانت تردهم رداً جميلاً وتخبرهم إنها لا تريد الزواج فقد كانت تحس إحساساً غامضاً أن القدر الألهى يخبئ لها شيئاً رائعاً لا تدرى ما هو ولكنها تستشعر أن منه ما يدخل الطمائنينة على قلبها .
ولما بلغها صدق حديث محمد بن عبدالله وشرفة وامانته بعثت الية وعرضت أن يخرج فى مالها إلى الشام تاجراً على أن تعطية افضل ما كانت تعطى غيره من التجار وقد بعثت اليه مع غلام لها يقال له ميسرة فقبل محمد بن عبدالله عرضها وخرج فى مالها وخرج معه غلامها ميسرة
وأثناء الرحلة نزل رسولنا الاعظم فى ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان ، فخرج الراهب إلى ميسرة
وقال له : من هذا الرجل الذى نزل تحت الشجرة ؟؟
قال له ميسرة هذا الرجل من قريش من أهل الحرم .
فقال له الراهب : ما نزل تحت هذة الشجرة قط إلا نبي ( ابن سعد فى الطبقات 1/129)
ولاحظ أيضاً ميسرة أن هناك ظلاً يظل محمد بن عبدالله أثناء سيرة وهو على بعيره
فلما قدم الركب إلى مكة حدث ميسرة سيدته الطاهرة خديجة عن قول الراهب وعما كان يرى من أمر الظل فخطرت فى بال خديجة أفكار شتى وعادت تسترجع الحلم الذى رأته فى مامها وها هو صوت ورقة بن نوفل يتردد فى أعماقها وهو يقول : أبشرى يا ابنة العم لو صدق الله رؤياك ليدخلن نور النبوة دارك وليفيضن منها نور خاتم النبيين .
اجتمعت الدلائل والقرائن عند خديجة بان محمداً هو الرحيق الذى يختم به الأنبياء فباتت ترجو أن تكون زوجاً له ولكن كيف الطريق إلى ذلك ؟؟
وفى غمرة الحيرة والإضطراب تدخل عليها صديقتها نفيسة بنت منبة وتجلس معها تبادلها أطراف الحديث حتى استطاعت أن تكشف السر الكامن المرتسم على محياها وفى نبرات حديثها .
فهدأت نفيسة من روع خديجة ، وما إن خرجت من عندها حتى إنطلقت إلى النبي صلى الله علية وسلم وكلمته أن يتزوج الطاهرة خديجة وقالت : يا محمد ما يمنعك من الزواج ؟؟ فقال ما بيدى ما أتزوج به
قالت : فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة فهل تجيب ؟
فرد متسائلاً : ومن ؟؟ قالت على الفور : خديجة بنت خويلد .
فقال : إن وافقت فقد قبلتُ .
وانطلقت نفيسة لتزف البشرى إلى خديجة ، وأخبر الرسول صلى الله علية وسلم أعمامة برغبته فى الزواج من خديجة فذهب ابو طالب و حمزة وغيرهما إلى عم خديجة عمرو بن أسد وخطبوا خديجة لمحمد بن عبدالله وساقوا إلية الصداق .
و لما تم العقد نُحرت الذبائح ووزعت على الفقراء وفتحت دار خديجة للاهل والأقارب
كانت الطاهرة خديجة – رضى الله عنها- بنت أربعين عاماً أي فى سن إكتمال الأمومة أما محمد صلى الله علية وسلم ففى سن إكتمال الشباب أبن خمس وعشرين سنة .
وفى هذا الزواج المبارك كانت الطاهرة خديجة هى الزوجة الوفية وهى الأم الرؤوم فى حنانها وعطفها وبرها – رضى الله عنها .
انتهى النص المنقول بتصرف من كتاب صحابيات حول الرسول صلى الله علية وسلم للشيخ محمود المصري حفظه الله.
ولكن هذا النص فعلاً به شفاء لكثير من أمراض الأمة فعلاً .
تعالوا نرى كيف كان تصرف خديجة بنت خويلد التى كانت من أغنى أغنياء قريش وافضلهم حسباً ونسباً وشرفاً .
كانت سيدة لا يستطيع احد أن يحاسبها لمنزلتها وكانت لها من المال الكثير ومع هذا فهى التى لقبوها بالطاهرة ..... لماذا ؟؟
إن اغنياء اليوم إنما يبحثون عن السيارات الفارهة والمناظر المثيرة وها هى أحدى نساء اليوم تقوم بتركيب اسنان صناعية والاخرى تقوم بإصلاح انفها والثالثة تقوم بشفط الدهون من رقبتها واخرى قد ارتدت الملابس الخليعة التى لا تليق بسنها وأخرى تشترى علية المكياج بألألاف الدولارات واخرى قد اشترت كلباً صغير الحجم وتدللة تليلاً وكأنه إبنها الوحيد . نعم نعطى الكلاب المرفهة اللحم طعاماً وبعض الأطفال يموتون جوعاً وبأمراض الأنمياء ونقص الدم .
والامثلة كثيرة جداً على سفة وتفاهة البعض
إن خديجة بنت خويلد كانت من أهم سيدات الأعمال فى مكة بل تكاد تكون الوحيدة التى تحظى بمكانة مالية وشرف لا يدانية شرف ومع هذا لم تقيم الحفلات ولم تربى الكلاب ولم تبحث عن النعيم فى شرب الخمور ولم تذهب للمراقص الليلية ولم ......... ولم ............
بل كان كل همها أن تبحث لنفسها عن دور فى نشر الحق والفضيلة وسمو المعانى كل ما يشغل بالها .
وكذلك أن السيدة خديجة التى كانت رفيعة الشأن وبعيدة عن حساب الأهل الا أن نفسها التى تتسم بالحياء والطهر والنقاء ما رضيت ألا أن يكون الزواج زواجاً تقليدياً يعترف به المجتمع كله ويكون لها ولى وهو عمها .
والان نجد من تزوج نفسها أو من تتزوج عرفياً أو ............
تعالوا بنا نعود إلى الشيم العربية الاصلية التى يملؤها لحياء والصفاء والطهر والنقاء والعزة بالنفس .
تعالوا بنا نعود إلى مكارم الأخلاق